تجربة أولى لدخول المستشفى كطالبة تمريض

ترم قصير و سريع جدا
وقت المستشفى لا يقدر بثمن قضينا ما يقارب ٧٢ ساعة في أقسام الجراحة
التي تتضمن قسم الباطنية و الجراحة و غرف العمليات و غرف الإفاقة و قسم الغسيل الكلوي
بعدها ٧٢ ساعة أخرى في مستشفى الولادة و الأطفال
تتضمن رعاية الأم قبل الولادة - فترة الحمل-  و أثناء الولادة - المخاض - و ما بعد الولادة - النفاس -
لا تقدر بثمن لماذا ؟
تعلمنا ما لم نتعلمه في الكلية في وقت قصير جدا بالنسبة لكم المعلومات
شيء من أختصاصنا و شىء إضافى
أول أسبوع كان الشعور بالجهل و الضياع و لا يوجد لدي العلم الكافي
في الأسابيع التالية أصبحنا نشارك - في حال كان الدكتور القائم على الحالة متعاون -
خلال ساعات المستشفى لا نفتر عن الكتابة عن الحالات
تأخذك الفضول لماذا ؟ ماذا لو ؟ كيف ؟ متى ؟
عندما نسأل دكتورة الجامعة المشرفة علينا ترد بكلمات و تكمل أقرأوا عنها
عمري ٢٠ الآن لكن بعد التجربة خصوصا في أقسام الولادة أشعر أني كبرت عشر سنين إضافية
عن رجوعي من أقسام الغسيل الكلوي و أخذ قيلولتي المعتادة أتصلب في السرير لألا أنزع الأنابيب الموصلة لجسمي أثناء الغسيل
و عند أقسام الولادة أعصاب و فقرات ظهري تؤلم بشكل قوي و كأنني أنا التي وضعت طفلا اليوم
كنا نتحمس و نخاف على المولود على تأخر بكاءة و نطلب من الممرضة المسوؤلة فعل شيء بسرعة ( و كأننا الأكثر خبرة ههه )
في وقت إنقباضات الرحم البسيطة كنا نذهب لأخذ الإستراحة و نأكل بسرعة حتى نتأكد أن لا شيء سيفوت علينا وقت الولادة
نواجه مرضى لطيفين للغاية نأخذ التاريخ المرضى و نعطي نصائح بسيطة للحالة في المقابل نقابل من يصرخ  ينفر و كأننا سنقتل ولو لم نفعل شى
و في حتى في جانب الأطباء هناك من هو مجرد ما يعلم بوجود طلبة يقربهم و يشرح لهم بالتفصيل و يسمع و يجيب للأسئلة بكل لطف و هناك عندما تسأل كانك حائط أو جماد في المكان . 


أميزهم عندما دخلت عملية ولادة قصيرية و طلبت من الدكتور رؤية قنوات فالوب : رد طالبة ؟ نعم و قربني لأقرب نقطة ـ داخل غرف العمليات هناك منطقة معقمة و ممرضة و طبيب معقم و لا يجوز لمسهم و لا الإقتراب من المنطقة المعقمة - في هذه العملية قربت إلى جسد المريضة حتى أقصى درجة ممكنة و أخذت الجراحة و الجراح يشرحون على مهل و لطف كبير جدا ، في هذه العملية شاركت في شفط ماء الطفل و الدم ، كل شيء واضح جدا الرحم ، قنوات فالوب ، المبيض الذي تفاجأت بحجمه بقدر أنملتين من الإصبع تقريبا . 


في أقسام الولادة كانت الكُربة تعبير بليغ من كبار السن لهذا الوقت
كنت في قسم للعناية ما بعد الولادة و أرى الأمهات يمسكن بأطفالهن و كأن الدنيا كلها في يدها نظرات الحب و الإهتمام سبحان من أوجدها .
هل سيدركون هذه اللحظة الذهبية بالطبع لا هل سيرد جزء من هذا الفضل ؟ لا يستطيع و لكن أتمنى منه أن يحاول إلى القرب من الكمال .
من الأطفال الذين رأيتهم منهم من سيكون شخص عادي و منهم سيكون الأديب و المبادر و المخترع و الطبيب ووو تتعد المهام لكن كلهم بدأوا من هنا . 


فترة المستشفى أكثر من فترة تعلم علم بحت كانت فترة تعلم للتواصل  الإنساني ، كنت أول الأيام أرتاب من سؤال المريض أسئلة مع الوقت أصبحت أسئلة من ٤ صفحات و لا أمل و لا يمل المريض الحمد لله . 


وقفت على حالة هي الأكثر ألما و الأكثر صدمة و حزن حالة وفاة جنين في الشهر الثامن
غالبا يطلب من الأم الإسراع في الدفع لكن هذه المرة كانت الطبيبة تقول إذا شعرت بالتعب إرتاحي و كان الوقت يمضي و أنا مستغربة لما كل هذا البطئ ؟ ألا ينقص الإكسجين لديه ؟ لم أكن أعلم ان الطفل ميت
بعد خروج الطفل و عرفت وقتها أن الطفل كان ميت و لهذا السبب كان البطئ فلا شىء ينتظر الأم
أكتب الأن هذا الكلام وقد مر أسبوعين على هذا الحدث و لكن أرى الطفل ولم أنسى تفاصيل رأسه المتداخل أو عيناه الصغيرتان المغمضتان و كأنه غرق
طلبت الأم رؤيته و هي تقول يا الله يارب أصلا هي لم تتوقف عن دعاء الله منذ بدأ المخاض حتى نهايته
بعدها نقلت لقسم التنويم ذهبت معها أخذت لها القياسات الحيوية - قبل وصولها كان مكانها طفل لأم أخرى فسارعوا الممرضات بسحب الطفل الآخر حتى لا تراه -
الله يكتب لها الأجر و يجعله رفع درجات .. اللهم آمين 


تجربة ثرية في عمري لا أعتقد انني سأنسى هذه البدايات بسهولة
الحمد لله .. في هذه الأيام أتذكر عدم قبولي في الطب لدرجة واحدة و أتذكر حزني وقتها
رأيت سلوكيات لم تعجبني لطلاب تمريض/طب تنم عن عدم إهتمام
وحينها تقينت أن التخصص ليس عائق في التوسع و طلب المزيد فمهما بلغ بي العمر ان شاء الله سأواصل طريق التعلم المستمر حتى آخر يوم في حياتي . إن شاء الله 


باب طلب العلم مفتوح فلا نتوهم أن يوما قد أغلق الباب ، إذا كنا فعلا صادقين بالدخول ، سندخل بإذن الله . 

كل الشكر و الحب لسمية  () 



تعليقات

  1. كلمات راااااائعه بكل ماتحمله الكلمه.. قرأتها وكأنني اراك وانت تعيشينها..
    دائماً وابداً انا فخورة جدددداً بك يانهال ..
    أسأل الله لك احلاماً محققه بحوله وقوته..

    ردحذف
  2. تعليق سمية بالواتساب لم تضعه هنا لسبب تقني ووضعته لحفظ كلامها الجميل
    كتبته ٢٧ - ١١ - ٢٠١٥ ميلادي

    "نهال،
    ألجمتني المدونة! كنت شرهة على المعلومات فيها وأقرأ كل حرف بنهم
    بدأت من التدوينات السابقة وودتُ لو أعلق عليها لولا أن كلمة السر للبريد خانتني :(
    لكن يا الله! التدوينة الأخيرة ألجمتني فعلاً!
    أضاعت علي الحروف والمعاني وجميع التعليقات التي كنتُ أود كتابتها وحبستها -قهراً- في صدري!
    عمييقة جداً بمشاعرها كل حرف فيها يزن كلمة وكل كلمة تزن تدوينة لوحدها!
    أحسست بها صاخبة/ حركة المستشفى/ أنين المرضى/ركض المسعفين....
    وأحسستها هادئة جداً لدرجة أكاد أسمع فيها نبض الجنين!
    تدوينة غنية جداً/ ممتعة ومبكية ومفرحة في ذات الوقت..
    فخورة بك يا قدوتي الجميلة
    وممتنة جداً لكل حرف ونقطة دونتيها!
    أحبّكِ نهال.. الله وحده يعلم كم أحبك
    ولا أعرف كيف أعبر لك عن امتناني بغير الحب!
    إلهي يسعدك يا عزيزة 😢❤️"

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة