عن ذكر الموت
في كل مرة يحل الليل في السفر سواء أكنا في الطريق او في الفندق .
أطيل النظر في السماء السوداء . أكره و اخاف الظلمة الحسية او المعنوية .
أتذكر الموت و اعرف جيدًا ان من أدرك معنى الموت هو الذي سيدرك معنى الحياة الحقيقية .
لا حياة قبل الموت الموت أولًا الحياة ثانيًا.
الموت أعده كالغربال ، كل ما هو دنيء و لا سُمو و لا علو فيه بقي في الأسفل و اضمحلت قيمته.
يرتفع القليل ولكن ثمين و يعول عليه.
الموت يذكرني بجميع أهدافي الشخصية و لما وضعتها ؟
يذكرني بعلاقاتي الإجتماعية عائلة و أصدقاء أقارب و معارف .
يذكرني بجميع أعمالي التي أخترتها او التي إضطررت إليها . يذكرني بالسنين التي تركتها ورائي .
يذكرني بما الذي أريده ؟ و لما أريد ؟ و كيف أصل إليه ؟
الموت يحفزني كل لحظة بأن استمتع باللحظة ، اللحظة التي يستحيل أن تتكرر ، الموت يجعلني أكثر تسامح مع أخطائي و أخطاء غيري .
لا شيء يستحق أن ألوث اللحظة بأي مالمة او سوء في القول و الفعل . الموت يذكرني أنني ربما لن اصل إلى صباح الغد فلما أقلق على آداء عمل الغد ؟ و افسد لحظتي الآنية .- لازلت أجاهد نفسي لراحتها -
إذا أكرمني ربي بيوم جديد فسأبذل ما بوسعي لأؤديه بأفضل حال عندي. وهذا يكفي.
الموت يعلمني الزهد الطيب حين أكتب وصيتي ، ثم أذكر ممتلكاتي المادية و كيف أحب ان يتصرف بها من بعدي . ثم ادرك ان لا شيء أملكه . المذكرات الشخصية تحرق ، الكتب سبيل ، المجوهرات تذهب صدقة . فقط.
الموت يذكرني بسعيي الحثيث وراء ما اريد .
يذكرني باليالي التي أبيت فيها بعد بكاء طويل
هل هذا سينفعني فيما بعد ؟ لا ؟ ربما ؟
إذا كانت الإجابة لا ، يهون على طلبي و يقل حرصي عليه ، اتذكر "فإن لم يكن بك علي غضب علي فلا أبالي و لكن عافيتك هي أوسع لي"
الموت يذكرني دائمًا بالدوافع. هل هذا إنتصارًا لنفسك ؟ هل هذا خوف ؟ هل هذا وقاية من نقد أحد ؟ هل هذا لعدم رغبتك بخيبة أمل أحد ؟ هل هذا بدافع حب ورغبة ؟ هل هذا إكراه النفس لعمل يحبه الله ؟ هل هذا للتقرب من الله ؟ هل هذا العمل يستحق الوقت و الجهد ؟ حتى الكتابة و النشر هنا يطوله الإستجواب.
اعتقد على الأقل مما عرفت .
ان الجميع مر و يمر كُل حين
بفترة "ما معنى حياتي ؟ لما كل هذا ؟"
الموت يخبرني و لا زالت اتعلم منه .
أتعلم منه الحياة .
-أكتب هذا الكلام وسط الظلام بإستثناء نور الهاتف ، اشعر بالخوف لكن أتظاهر لنفسي بالشجاعة -
تعليقات
إرسال تعليق